في خطوة نوعية تُعدّ من أبرز محطات الإصلاح السياسي في المغرب، أعلنت الحكومة عن آلية دعم مالي موجهة لفئة الشباب الذين يرغبون في الترشّح للانتخابات، ضمن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بـالمجلس الوزاري الذي صُدّق مؤخراً، والتي تحمل دلالات مهمة على مستوى تمكين الفاعلين الجدد وإعادة بناء نسيج المشاركة السياسية
في هذا المقال الاحترافي نستعرض التفاصيل، الخلفيات، الفرص، والتحديات المرتبطة بهذه الخطوة
دعم مالي يصل إلى 35 مليون سنتيم لكل المترشحين الشباب في الانتخابات 2026
السياق والدوافع
تشير عدة مصادر إلى أن المجلس الوزاري برئاسة محمد السادس صادق على مشروع قانون تنظيمي لمجلس النواب، يُحوّل محور الشباب والنساء إلى ركيزة أساسية لتجديد النخب السياسية
في هذا السياق، أوضح الوزير المعني أن الدولة تسعى إلى توسيع قاعدة المشاركة السياسية، لا سيما من قِبل من تقل أعمارهم عن 35 سنة، سواء عبر الأحزاب أو من دونها
وتأتي هذه المبادرة في ظل نقاشات حول تجديد الحياة الحزبية، تخليق المسار الانتخابي، وتوفير فرص فعلية للشباب في مواقع القرار وداخل المؤسسات التشريعية
تفاصيل الدعم المالي وآليته
السقف إجمالياً لمصاريف الحملة الانتخابية لكل مترشح تمّ تحديده بـ 500 ألف درهم (أي ما يعادل تقريباً 50 مليون سنتيم) في إطار المشروع
الدعم المالي الموجّه للشباب (تحت سنّ 35) يصل إلى 75٪ من مصاريف حملتهم الانتخابية
بناءً على ذلك، فإنّ المترشح من فئة الشباب يمكن أن يحصل تقريبًا على نحو 35 مليون سنتيم (أي 350 000 درهم تقريباً) لتغطية حملته
الشروط المرتبطة باللوائح المستقلة: يُشترط تقديم لوائح من مترشحين دون انتماء حزبي، ضمنها أن يكون عمر كل مترشح لا يتجاوز 35 سنة، وأن تُحقّق شروط التوقيع (مثلاً: 200 توقيع في الدائرة المحلية، وجود نسبة معيّنة من النساء) عند الترشّح
الأهداف المتوخاة
يمكن تلخيص الأهداف كما يلي
تمكين الفاعلين الشباب من دخول السباق الانتخابي والتواجد في المشهد السياسي بجدية
توسيع قاعدة المشاركة خارج التمثيل الحزبي التقليدي، عبر فتح الباب للترشّح المستقلّ
تعزيز تجديد النخب وإضفاء شرعية أكبر على المؤسسات من خلال تمثيل فئات عمرية كانت أقل حضوراً في مواقع القرار
تقليص الحواجز المالية التي كانت تشكّل عائقاً أمام الشباب لدخول المنافسة الانتخابية
الفرص المتاح
يمكن أن تُشكّل هذه المبادرة مدخلاً فعلياً لـ “جيل جديد” من الشباب يُعبّر عن نفسه سياسياً، ويُغيّر قواعد اللعبة في انتخابات 2026 وما بعدها
بالنسبة للمرشّحين المستقلّين/غير الحزبيين، فإنّ الدعم يشكّل حافزاً مادياً كبيراً – ما قد يُحفّز المنافسة ويدفع نحو إنتاج رؤى انتخابية جديدة
على الصعيد المجتمعي، يُمكن أن يعزّز هذا الإجراء ثقة الشباب في النظام السياسي، ويُسهم في رفع نسبة المشاركة، ما يُعدّ مؤشّراً ديموقراطياً إيجابياً
التحديات والملاحظات
رغم أن الدعم المالي مهم، يبقى التساؤل حول كيفية صرفه ومتى (قبل الحملة؟ بعد النتائج؟) ما يزال مفتوحاً حسب المصادر
هناك من يرى أن هذا التحفيز يمكن أن يُحوّل المرشح من حافز كبير إلى ذريعة للترشّح دون برنامج واضح أو قدرات حقيقية، خاصة إن لم يُصاحبه تأهيل سياسي أو استراتيجي. مثال عبر المقال الذي يقول: «لن يترشّح مع الأحزاب في 2026 سوى الشباب الفاشلون»
تبقى المسألة التنظيمية (التوقيعات، اللوائح، معايير الأهلية) حاسمة لضمان أن يُستفيد منه فعلياً من لديه جدّية وتمثيل حقيقي
لا بد من مراقبة أن ذلك لا يُحوّل إلى منظومة تنافس مزيفة يُسيطر عليها المال النظري دون محتوى انتخابي حقيقي، أو أن يصبح الدعم أداة لتحفيز “الترشّح كثاني اختيار” بدل أن يكون نتيجة نشاط سياسي مسبق
توصيات من أجل تحقيق الأثر المرجو
يُفضّل أن تُرافق الدولة هذا الدعم بإطلاق برامج تكوينية للشباب المترشّحين: حول إدارة الحملة الانتخابية، التواصل، القانون الانتخابي، أخلاقيات العمل السياسي
على الأحزاب والمجتمع المدني أن يُشجّعوا على إنشاء “حوار شبابي” ما قبل الترشّح، لضمان أن يدخل المترشحون بحرّية وقناعة، وليس فقط بدافع الدعم المادي
ضرورة الشفافية في صرف الدعم والتدقيق في المحاسبة، حتى لا تنحرف المبادرة إلى دعماً بلا متابعة أو مسؤولية
ينبغي أن تكون المعايير الانتخابية واضحة ومُيسّرة للشباب حتى لا يُستبعدوا لأسباب بيروقراطية دقيقة أو معقّدة
من المهم أن يُقيَّم هذا الإجراء بعد الانتخابات: كم عدد الشباب الذين ترشحوا؟ كم منهم اجتاز المرحلة؟ ما الأثر على المشاركة؟ هذا التقييم سيساعد في تطوير المبادرة
تابعونا عبر حساباتنا في مواقع التواصل الاجتماعي













